مع دخول فصل الشتاء قد يشعر البعض بالضيق والاكتئاب نظرًا لطبيعة الحياة في هذا الفضل، فنحن نستيقظ صباحًا في الظلام ولا نرى ضوء الشمس كثيرًا طوال النهار القصير، ونعود سريعًا إلى الظلام مرة أخرى، كما أن الشوارع لا تسهر طويلًا في الليل كما يحدث في الصيف، وفي الأغلب لا يسافر العديد من الناس لقضاء عطلتهم في الشتاء، وإذا حاولت البحث عن سبب شعورك بالاكتئاب في فصل الشتاء، فقد تجد أن الإضاءة الخافتة هي في الأغلب من أحد المسببات لذلك، وإن كانت الحياة خارج المنزل لا تشعرك بالسعادة، فيمكنك تعويض ذلك في منزلك مع الإضاءات المناسبة التي تجلب لك أضواء فصل الصيف وتساهم في تحسين مزاجك، وفي هذا المقال نتعرف على فوائد الإضاءة لتحسين المزاج وكيفية تطبيق هذه الإضاءات في المنزل.
كيف تعمل الإضاءة على تحسين المزاج؟
لقد تحدثنا من قبل عن فوائد الضوء الطبيعي. ومع ذلك، فهناك بعض المناطق التي تصلها الشمس لمدة قصيرة جدًا في الشتاء، وقد لا يستطيع أهلها الاستمتاع بالشمس لمدة طويلة، ولذلك فهناك بعض الحيل في الإضاءة، تحاول تعويض ذلك داخل المنازل.
بكل بساطة، تعمل الأضاءات المحسّنة للمزاج على محاكاة أضواء أشعة الشمس في أيام الصيف، فقد يصل سطوع الشمس إلى ما يقرب 100000 وحدة ضوئية، في حين تمدنا الإضاءات الداخلية في فصل الشتاء بـ 100 وحدة فقط، وعلى الرغم من عدم قدرة هذه الإضاءة على مجاراة الإضاءة الطبيعية للشمس، إلا أنها يمكن أن توفر لك دفعات قوية قد تصل أحيانًا إلى 10000 وحدة ضوئية. أفضل ما في الإضاءات الداخلية هو سهولة إحضارها والتحكم بها، فكل ما عليك هو تركيب الإضاءة بحيث تكون قريبة من مكان جلوسك (يُفضّل على ارتفاع قدمين)، ولكن عليك تحديد الوقت الذي ستقضيه تحت هذه الإضاءة لأن الإكثار منها قد يؤدي لآثار جانبية كتهيج العينين.
محاربة الاكتئاب
هل تلاحظ أن العديد من الناس يتمتعون بالطاقة التي تساعدهم على التنزه لأوقات متأخرة من الليل والسفر لعدة مناطق في الصيف، نعم فقد يكون هذا النشاط بفضل ضوء الشمس الذي يتعرضون له صباحًا، واتضح أن الإضاءات المناسبة في المنزل قد تساعد على تعويض جزء من هذا النشاط الذي يفقده الشخص في أثناء فصل الشتاء لخداع عقله. فالأمر كله يتعلق بالميلاتونين، وهو هرمون تنتجه الدماغ البشرية بشكل طبيعي عندما نكون معرضين للظلام، وهو المسؤول أيضًا عن تنظيم الساعة البيولوجية، أو أي تغييرات جسدية ونفسية جسدية تحدث على مدار اليوم، ويساهم ارتفاع نسبة هذا الهرمون إلى الشعور بالحزن والاكتئاب، وأحيانًا ما يعمل العلاج بالضوء على خداع الغدة الصنوبرية المسؤولة عن إفرازه للحد من ذلك.
تؤثر العديد من العناصر الأخرى أيضًا على الاكتئاب كالجنس والعمر والخلفية الاجتماعية والظروف الحياتية، ويستحسن الاستعانة بالطبيب النفسي للتعامل مع الاكتئاب وتحديد كمية الضوء الذي يحتاجة المريض بشكل يومي.
خفض نسبة الشراهة
ربما تلاحظ أيضًا زيادة شهيتك للأطعمة في فصل الشتاء، وبالطبع تتدخل نسبة الإضاءة التي نتعرض لها في ذلك، كما أن الأطعمة التي نتناولها في حد ذاتها تختلف من حيث ثرائها بالدهون والزيوت والسكريات والنشويات، فالوجبات كالعدس الأصفر والمشروبات كحمص الشام والسحلب تنتشر بكثرة في فصل الشتاء، على عكس فصل الصيف الذي يتميز بوجباته الخفيفة والعصائر الطازجة. ويحدث هذا التحول في عادات الأكل بسبب هرمون الميلاتونين أيضًا، فمن أعراض الإفراط في إنتاجه الاتجاه إلى السكريات والنشويات وعدم ممارسة الرياضة، وهو ما يؤدي حتمًا لزيادة الوزن.
العمل على تقليل نسب الميلاتونين والسماح بالسيروتونين أن يحل محله من خلال التعرض لإضاءات أفضل سوف يؤدي بدوره لزيادة مستويات الطاقة وتقليل الشهية.
زيادة مستوى الراحة الليلية
لا بد أنك قد تعرض في أحد أيام الشتاء للشعور بأنك لم تستطع النوم جيدًا أثناء الليل، ثم تذهب إلى عملك صباحًا لتقضي يومك بأكمله في المكتب، وبعد ذلك تعود إلى منزلك مرة أخرى في الظلام، وتشعر بأنك ستنام طويلًا حينها، لكنك تجد أنك مازلت مستيقظًا مرة أخرى.
إنه هرمون الميلاتونين مرة أخرى، فكما ذكرنا أنه هو المسؤول عن تنظيم الساعة البيولوجية وساعات النوم، فقد يتسبب جلوسك طوال اليوم تحت إضاءة الفلورسنت القوية أو في الظلام إلى الشعور بالإرهاق الجسدي، ويؤدي ذلك لارتباك في الساعة البيولوجية بحيث لا تستطيع تحديد بداية ونهاية اليوم، لكن إن قمت بضبط الإضاءة اليومية في الصباح فسوف يستعد جسدك للنشاط صباحًا والاستراحة ليلًا.